أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة عيد الأضحي المبارك بعنوان : الابنُ البارُّ إسماعيلُ عليه السلامُ ، للدكتور محمد حرز

خطبة عيد الأضحي المبارك بعنوان : الابنُ البارُّ إسماعيلُ عليه السلامُ ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 10 ذو الحجة 1444هـ ، الموافق 28 يونيو 2023م. 

 

لتحميل خطبة عيد الأضحي المبارك 28 يوينو 2023م بصيغة word بعنوان : الابنُ البارُّ إسماعيلُ عليه السلامُ ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة عيد الأضحي المبارك 28 يونيو 2023م بصيغة pdf بعنوان : الابنُ البارُّ إسماعيلُ عليه السلامُ ، للدكتور محمد حرز.

ولقراءة خطبة عيد الأضحي المبارك 28 يونيو 2023م بعنوان : الابنُ البارُّ إسماعيلُ عليه السلامُ : كما يلي:

 

خطبةُ عيدِ الأضحَى المبارك: الابنُ البارُّ إسماعيلُ عليه السلامُ

بتاريخ: 10 ذو الحجة 1444هــ –  28يونيو 2023م

الحمدُ للهِ الذي جعَلَ الأعيادَ في الإسلامِ مَصدرًا للهناءِ والسُّرورِ، الحمدُ للهِ الذي تفضَّلَ في هذه الأيَّامِ العشرِ على كلِّ عبدٍ شَكُور، سبحانه غافِرُ الذنبِ وقابِلُ التَّوبِ شديدُ العِقابِ..

اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا.

اللهُ أكبرُ.. ما قصدَ المسلمونَ حجَّ بيتِ اللهِ الحرام .اللهُ أكبرُ.. ما أنفقُوا الأموالَ وأتعبُوا الأبدانَ وتركُوا الأهلَ والأولادَ مِن أجلِ الرضوانِ  اللهُ أكبرُ .. ما صارُوا في الجوِّ والبرِّ والبحرِ تحرسُهم عنايةُ الملكِ العلامِ. اللهُ أكبرُ .. ما علتْ أصواتُهُم بالتلبيةِ استجابةً لنداءِ الخليلِ في البريةِ.اللهُ أكبرُ.. ما اكتحلتْ عيونُهُم بأنوارِ بيتِ اللهِ الحرامِ.اللهُ أكبرُ .. ما استراحتْ أجسامُهُم في الروضةِ المحفوفةِ بالأنوارِ.اللهُ أكبرُ.. ما حامتْ أرواحُهُم شوقًا إلي زيارةِ المصطفَي العدنانِ.اللهُ أكبرُ.. ما سلّمُوا علي رسولِ الإنسانيةِ النبيِّ المختارِ.اللهُ أكبرُ ..خلقَ الخلقَ وأحصاهُم عددًا ، وكلُّهُم آتيهِ يومَ القيامةِ فردًا.اللهُ أكبرُ ..ما ذكرَهُ الذاكرونَ وهلَّلَ المهللونَ  وكبَّرَ المكبرون.اللهُ أكبرُ.. ما ضحَّي المسلمونَ في هذا اليومِ شكرًا للهِ علي وافرِ الإحسانِ.اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلاً.

سبحانَ مَن قدَّسَ البيتَ وعظمَهُ، سبحانَ مَن جعلَ مكةَ هي البلدُ الحرامُ، سبحانَ مَن خصَّهَا دونَ بقاعِ الأرضِ بالتقديسِ والإعظامِ، سبحانَ مَن هديَ خليلَهُ إليهَا بعدَ طولِ شوقٍ وهيامٍ، سبحانَ مًن فجَّرَ زمزمَ لإسماعيلَ إجلالًا لهُ وإكرامًا، سبحانَ مَن جعلَ مكةَ مشرقًا للنورِ بعدَ أنْ كانتْ مصدرًا لكلِّ ظلمٍ وظلامٍ، سبحانَ مَن جعلَهَا أصلَ التوحيدِ بعدَ أنْ كانتْ مصدرًا لعبادةِ الأصنامِ, سبحانَ مَن اصطفَي رسولَهُ منها وجعلَهُ رسولًا لخيرِ دينٍ هو الإسلامُ, سبحانَ اللهِ وبحمدهِ سبحانَ اللهِ العظيم.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ : (( إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا)) رواه البخاري

إِلَهي لا تُعَذِّبنِي فَإِنّـــــــــي   ***   مُقِرٌّ بِالَّذي قَد كانَ مِنّـــــــي

فَكَم مِن زِلَّةٍ لي في البَرايا   ***   وَأَنتَ عَلَيَّ ذو فَضلٍ وَمَــــنِّ

يَظُنُّ الناسُ بِي خَيرًا وَإِنّي   ***   لَشَرُّ الناسِ إِن لَم تَعفُ عَنّي

تابع / خطبة عيد الأضحي المبارك بعنوان : الابنُ البارُّ إسماعيلُ عليه السلامُ ، للدكتور محمد حرز

أمَّا بعدُ . أيُّها السادة : قولُوا  لا إلهَ إلّا الله تفلحُوا  ف((كُلُّ شيء هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ ٱلْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)) [القصص:88].لا إلَه إلّا الله يفعلُ ما يريدُ، لا إلهَ إلّا الله ذو العرشِ المجيدِ، لا إلهَ إلّا الله ربُّ السماواتِ والأرضِ وربُّ العرشِ العظيمِ. فأيُّ أمةٍ كنَّا، وأيُّ أمةٍ أصبحنَا!! وأيُّ أمةٍ سنكونُ!!.أيُّ أمةٍ كنَّا قبلَ الإسلامِ، وأيُّ جيلٍ كنَّا قبلَ الإيمانِ، وأيُّ كيانٍ نحن بغيرِ القرآنِ. فعن عبدِ اللهِ بنِ عمرو رضى اللهُ عنها قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ :  إنَّ اللهَ سيُخلِّصُ رجلًا مِن أمَّتي على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ فينشُرُ عليه تسعةً وتسعينَ سِجِلًّا كلُّ سِجلٍّ مدُّ البصرِ ثمَّ يقولُ له: أتُنكِرُ شيئًا مِن هذا ؟ أظلَمك كتَبتي الحافظون ؟ فيقولُ: لا يا ربِّ فيقولُ: أفلك عذرٌ أو حسنةٌ ؟ فيُبهَتُ الرَّجلُ ويقولُ: لا يا ربِّ فيقولُ: بلى إنَّ لك عندنا حسنةً وإنَّه لا ظُلمَ عليك اليومَ فيُخرِجُ له بطاقةً فيها: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه فيقولُ: احضُرْ وزنَك فيقولُ: يا ربِّ ما هذه البطاقةُ مع هذه السِّجلَّاتِ ؟ فيقولُ: إنَّك لا تُظلَمُ قال: فتوضَعُ السِّجلَّاتُ في كِفَّةٍ والبطاقةُ في كِفَّةٍ فطاشت السِّجلَّاتُ وثقُلتِ البطاقةُ يُقالُ: فلا يثقُلُ اسمَ اللهِ شيءٌ))

اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلاً

أيّها السادة: اليومُ عيدٌ في الأرضِ يومُ المغفرةِ لحجاجِ بيتِ اللهِ الحرامِ وكيف لا؟ واللهُ تبارك وتعالي يباهِي بأهلِ عرفةَ ملائكتَهُ ويقولُ: يا ملائكتِي انظرُوا عبادِي أتونِي شعثًا غبرًا مِن كلِّ فجٍ عميقٍ يرجون رحمتِي و لم يروا عذابِي أنفقُوا الأموالَ واتعبُوا الأبدانَ وتركُوا الأهلَ والأولادَ  أشهدكُم يا ملائكتِي أنِّي قد غفرتُ لهم)) اللهُ أكبرُ !! هل شممتَ عبيرًا أزكَى مِن غبارِ المحرمين؟ هل رأيتَ لباسًا قط أجْملَ وأجَلَّ مِن لباسِ الحُجَاجِ والمعتمرين؟ هل رأيتَ رؤوسًا أعزَّ وأكرمَ مِن رؤوسِ المحلقين والمقصرين؟ هل مرّ بك رَكْبٌ أشرفَ مِن رَكْبِ الطائفين؟ هل هزَّكَ نَغَمٌ أروعَ مِن تلبيةِ الملبيين وأنينِ التائبين، وتأوهِ الخاشعين ومناجاةِ المنكسرين؟ جموعٌ مُلبيةٌ، وأعينٌ باكيةٌ وعبراتٌ ساكبةٌ وألسنةٌ ذاكرةٌ وقلوبٌ خاشعةٌ ونفوسٌ خاضعةٌ وأيدٌ داعيةٌ وجباهٌ ساجدةٌ. . تُفرحُ كلَّ مؤمنٍ وتغيظُ كلَّ عدوٍّ وكافر. بتلك النفوسِ المؤمنةِ. الزمانُ يزدهرُ والأيامُ تحتفلُ والأرضُ في طربٍ والأرجاءُ تشتعلُ.

لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ الزحَامِ مُلبيًّا ***  لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ الحجيجِ ساعيًا

لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ عبادِكَ داعيًا   **  لبيك ربي وإن لم أكنْ بينَ الصفوف مصليا

لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم اكنْ بينَ الجموعِ لعفوِكَ طالبًا * لبَّيكَ ربِّي فاغفرْ جميعَ ذنوبِي أدقهَا وأجلهَا

اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلاً

تابع / خطبة عيد الأضحي المبارك بعنوان : الابنُ البارُّ إسماعيلُ عليه السلامُ ، للدكتور محمد حرز

أيُّها السادة : اليومُ يومُ الإحسانِ إلي الآباءِ والأمهاتِ، إسماعيلُ عليه السلامُ ضربَ لنا أعظمَ الأمثلةِ في البرِّ والإحسانِ وكيف لا ؟وقد مدحَهُ اللهُ في قرآنِه  عندما أخبرَهُ أبوهُ بالرؤيا التي رآهَا في المنامِ ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى) (سورة  الصافات:102) لو كان هذا الابنُ في عصرنَا لوصفَ أباهُ بالجنونِ والتخريفِ، لكنّ إسماعيلَ عليه السلامُ أرادَ أنْ يعلمَ أبناءَ هذا الجيلِ أبناءَ النتِّ والفيس بوك وتويتر والانستجرام وسناب شات، الذين فسدتْ عقولُهُم ،وماتتْ مشاعرُهُم ،ونكستْ فطرتُهُم ،أرادَ أنْ يعلمَهُم دروسًا في البرِّ والإحسانِ إلى الآباءِ والأمهاتِ، وخاصةً ونحن نعيشُ زمانًا أصبحَ الولدُ لا يتحملُ أباهُ، ولا البنتُ تتحملُ أمهَا، بل تجرأَ الولدُ فسبَّ أباهُ وسبَّ أمَّه، بل خاصمَ الولدُ أباهُ، وخاصمَ الولدُ أمَّهُ، بل ازدادَ الأمرُ خطورةً، فضربَ الولدُ أباه، وضربَ الولدُ أمَّهُ، بل تطورَ الأمرُ فقتلَ الولدُ أباهُ، وقتلَ الولدُ أمَّهُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ، ودَيْنُ الناسٍ يومًا سوف يُقضَى ودَيْنُ أبيكَ لا تقوَى عليه، اللهُ أكبرُ إسماعيلُ عليه السلام يضربُ مثالاً في البرِّ لا مثيلَ له عندمَا قال لأبيهِ(( يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات: 102) } يَا أَبَتِ لا تأخذْ رأيِي ولا تنتظرْ مشورتِي نفذْ ما أمرَك بهِ مولاك…………. اللهُ أكبرُ   إنَّهُ البرُّ يا شباب……….

أرأيتُم قلبًا أبويًّا *** يتقبلُ أمرًا يأباهُ ؟

أرأيتُم ابنًا يتلقّى *** أمرًا بالذبحِ ويرضاهُ ؟

ويجيبُ الابنُ بلا فزعٍ *** افعلْ ما تؤمر أبتاهُ

لن نعصى لإلهٍي أمرًا *** مَن يعصِي يومًا مولاهُ ؟

واستلَّ الوالدُ سكينًا ***      واستسلمُ الابنُ لرداهُ

ألقاهُ برفقٍ لجبينٍ ***       كي لا تتلقَّى عيناهُ

وتهزُّ الكونُ ضراعاتٍ *** ودعاءٍ يقبلهُ اللهُ

تتضرعَ للربِّ الاعلَى   *** أرضٌ وسماءٌ ومياهُ

ويجيبُ الحقُّ ورحمتهُ *** سبقتْ بفضلِ عطاياهُ

صدقتَ الرؤيَا لا تحزنْ *** يا إبراهيمُ فديناهُ

   ولكن أتدورن لماذا كان إسماعيلُ بارًّا بأبيهِ؟

 لأنَّ إبراهيمَ عليه السلام  كان بارًّا بأبيهِ، عندما كان يدعوهُ إلى التوحيدِ، وأبوهُ يدعوهُ إلى الشركِ، إبراهيمُ عليه السلام  يدعو أباهُ  إلى الجنةِ، وأبوهُ يدعوهُ إلى النارِ، إبراهيمُ عليه السلام  يدعُو أباهُ  بكلمةٍ تحملُ مِن العطفِ والحنانِ ما فيها، وأبوهُ يردُّ عليه بالقسوةِ والغلظةِ والفظاظةِ وصوّرَ لنَا القرآنُ هذا المشهدَ في سورةِ  مريم (  وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) ……………

اللهُ أكبرُ إنّه البرُّ يا شباب ……..وكيف لا؟ واللهُ جلّ وعلا  جعلَ الحقَّ الثاني بعدَ حقِّهِ وحقِّ حبيبِه حقَّ الآباءِ، فقالَ ربُّنَا (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا} (سورة الإسراء :23)فالبرُّ بالآباءِ والأمهاتِ مِن أحبِّ الأعمالِ وأعظمِ القرباتِ إلي علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ جلّ في علاه – فعن ابنِ مسعودٍ رضي اللهُ عنه قال: سأَلْتُ النَّبِيَّ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ:” الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ “( متفق عليه ).

 وكيف لا؟ وقد قَالَ { رِضَا اللَّهِ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ وَسَخَطُ اللَّهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ } واعلمْ أيُّها الحبيبُ: مهما كنتَ بارًّا بأمِّك فلن تعطيهَا  حقّهَا ولا بطلقةٍ مِن طلقاتِ الحملِ .فلَقَدْ رَأَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَجُلًا يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ حَامِلًا أُمَّهُ عَلَى رَقَبَتِهِ فَقَالَ : يَا ابْنَ عُمَرَ أَتَرَى أَنِّي جَزَيْتهَا ؟ قَالَ : لَا وَلَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّك أَحْسَنْت وَاَللَّهُ يُثِيبُك عَلَى الْقَلِيلِ كَثِيرًا .

بل إنّ رجلًا أتى عمرَ رضي اللهُ عنه فقال إنَّ لِي أمّاً بلغَ بها الكبرُ وأنّها لا تقضِي حاجتَها إلّا وظهرِي مطيةً لها وأصرفُ وجهِي عنها، فهل أديتُ حقّهَا؟ قال: لا. قال: (إنّها كانت تصنعُ ذلك بك، وهي تتمنَّى بقاءَك، وأنت تتمنَّى فراقَهَا). وكيف لا؟ ومِن البرِّ الإحسانُ إلى أهلِ أبيكَ وأمِّك وصلةِ الرحمِ التي أمرنَا اللهُ بوصلِهَا وإكرامِ صديقهِمَا وكثرةِ الاستغفارِ لهما بعدَ موتهِمَا، فعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيِّ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا قَالَ نَعَمْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا)

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ) بل من البر كما قال النبي المختار طما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ:  أَبَرُّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ وُدَّ أَبِيهِ) وكيف لا؟   والعقوقُ مِن أكبرِ الكبائرِ ياسادة، فعن أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ : أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا” قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ“ وَكَانَ مُتَّكِئًا فجلس فَقَالَ:” أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ” قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ)(متفق عليه)

بل العاقُّ محرومٌ مِن دخولِ الجنةِ إلّا إذا  تابَ وعادَ إلي اللهِ وأحسنَ إلي الآباءِ والأمهاتِ، فعن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاصِ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ  عن النبي ” ” قال: لا يدخلُ الجنةَ عاقٌّ )) رواه النسائي، وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ : أَوْحَى اللَّهُ – تعالى – إلَى مُوسَى – صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَا مُوسَى وَقِّرْ وَالِدَيْك فَإِنَّهُ مَنْ وَقَّرَ وَالِدَيْهِ مَدَدْت فِي عُمُرَهُ وَوَهَبْت لَهُ وَلَدًا يَبَرُّهُ ، وَمَنْ عَقَّ وَالِدَيْهِ قَصَّرْت عُمُرَهُ وَوَهَبْت لَهُ وَلَدًا يَعُقُّهُ)(البخاري في الأدب المفرد)

بل سُئِلَ ابنُ عباسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ   عن الإحسانِ قال: كثيرٌ لا أستطيعُ أنْ أصفَهُ, وسُئِلَ عن العقوقِ فقال لو خلعَ الابنُ ثوبَهُ ونفضَهُ وطارَ الغبارُ علي أبيهِ كان هذا عقوقًا.. يا رب سلم،   وسُئِلَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما عن أصحابِ الأعرافِ مَن هم وما الأعرافُ ؟فقال: أمّا الأعرافُ فهو جبلٌ بينَ الجنةِ والنارِ وإنّما سُمي الأعراف؛ لأنّهُ مشرفٌ على الجنةِ والنارِ وعليه أشجارٌ وثمارٌ وأنهارٌ وعيونٌ وأمّا الرجالُ الذين يكونون عليه فهم رجالٌ خرجوا إلى الجهادِ بغيرِ رضا آبائِهِم وأمهاتِهِم فقتلُوا في الجهادِ فمنعَهُم القتلُ في سبيلِ اللهِ عن دخولِ النارِ ومنعهُم عقوقُ الوالدينِ عن دخولِ الجنةِ فهُم على الأعرافِ حتى يقضِيَ اللهُ بينهما.

اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا.

أيُّها السادةُ: العيدُ  أنْ تعودَ إلى أهلِكَ بالبسمةِ والصفاءِ، العيدُ أنْ تكونَ بارًا لأبيكَ وأمِّكَ، العيدُ أنْ لا يخافكَ مسلمٌ، العيدُ أنْ تصلحَ ما بينك وبين اللهِ، العيدُ أنْ تصلحَ ما بينك وبين الناسِ، العيدُ أنْ تعفوَ عمّن ظلمَك، العيدُ أنْ تصلَ مَن قطعَك، العيدُ أنْ تعطيَ مَن حرمَك، فليس العيدُ لمَن لبسَ الجديدَ إنّما العيدُ لمَن طاعتُهُ تزيد، ليس العيدُ لمن تجملَّ باللباسِ إنّما العيدُ لمَن عملَ ليومِ الوعيدِ، العيدُ أنْ لا تؤذِي مسلمًا، العيدُ أنْ تحملَ الحبَّ في قلبِكَ لجميعِ الناسِ، العيدُ أنْ تنزعَ مِن قلبِكَ الحقدَ والغلَّ والبغضاءَ .

تابع / خطبة عيد الأضحي المبارك بعنوان : الابنُ البارُّ إسماعيلُ عليه السلامُ ، للدكتور محمد حرز

قال الحسنُ البصريُّ رحمَهُ اللهُ تعالى: كلُ يومٍ لا يُعصى اللهُ فيه فهو عيدٌ كلُّ يومٍ يَقطعُهُ المؤمنُ في طاعةِ مولاه و ذكرِهِ و شُكِرِهِ فهو له عيدٌ. فالعيد طاعة والعيد عبادة والعيد قربة إلى ربنا .

لذا مَن لم يستطعْ الوقوفَ بعرفةَ فليقفْ عندَ حدودٍ اللهِ الذي عَرِفَهُ.. ومَن لم يستطعْ المبيتَ بمزدلفةَ فليبتْ على طاعةِ اللهِ ليقربهُ ويزلفهُ… – ومَن لم يستطعْ ذبحَ هديٍ بمنَى فليذبحْ هواهُ ليبلغَ المُنَى… ومَن لم يستطعْ الوصولَ لبيتِ اللهِ الحرام؛ لأنَّهُ بعيدٌ فليقصدْ ربَّ البيتِ فإنَّهُ أقربُ إليهِ مِن حبلِ الوريدِ ……. فطُوبَى لشابٍّ نشَأ في طاعةٍ لله، وطُوبَى لرجلٍ ذكَر الله خاليًا ففاضَتْ عَيْناه، وطُوبَى لفتاةٍ أُمِرتْ بالحجاب، فقالت: لبَّيك يا الله، وطُوبَى لامرأةٍ أطاعَتْ زوجَها، وصامَتْ شهرَها، وصلَّتْ خمسَها حبًّا في الله، وطُوبَى لِمَن أطعَمَ أفواهًا، وكسا أجسادًا، ورحم أيتامًا، ووصَل أرحامًا.

غَدًا تُوَفَّى النُّفُوسُ مَا كَسَبَتْ*********وَيَحْصُدُ الزَّارِعُونَ مَا زَرَعُوا

إِنْ أَحْسَنُوا أَحْسَنُوا لِأَنْفُسِهِمْ*********وَإِنْ أَسَاؤُوا فَبِئْسَ مَا صَنَعُوا

العيدُ فرصةٌ لتحسينِ العلاقاتِ وتسويةِ النزاعاتِ وجمعِ الشملِ وقطعِ العداواتِ، ورحمَ اللهُ مَن أعانَ على إعادةِ مياهِ المودةِ إلى مجارِيهَا، اجعلُوا هديةَ العيدِ لهذا العامِ عفوًا وصفحًا وغفرانًا ﴿ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14]. وصدقَ مَن قال إنّ الرجلَ الكريمَ هو مَن يعفُو عن الزلةِ ولا يحاسبُ على الهفوةِ.. وأنتُم أيُّها الأزواجُ اتقُوا اللهَ في أزواجِكُم وفي أولادِكُم فأنتم مسؤولون عنهم يومَ القيامةِ، ففي مسلمٍ مِن حديثِ معقلِ بنِ يسار رضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ  يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ)

وأنتن يَا نِسَاءَ المُسلِمِينَ ، إِذَا صَلَّتْ المَرأَةُ خَمسَهَا ، وَصَامَتْ شَهرَهَا ، وَحَصَّنَت فَرجَهَا ، وَأَطَاعَت زَوجَهَا ، قِيلَ لها : ادخُلِي الجَنَّةَ مِن أَيِّ أَبوَابِ الجَنَّةِ شِئتِ ؛ أَلا فَاحفَظْنَ حَقَّ اللهِ وَحَقَّ الأَزوَاجِ، وَالْزَمْنَ البُيُوتَ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولى ، وَلا تَخضَعْنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي في قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولاً مَعرُوفًا ، كُنَّ حُصُونًا لِلصَّلاحِ والفَضِيلَةِ ، وَلا تَكُنَّ جُسُورًا لِلفَسَادِ وَالرَّذِيلَةِ .وتذكرْنَ

إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فــلا ***  تقلْ خلوتُ ولكن قُلْ علىّ رقيبُ

ولا تحسبنَّ اللهَ يغفلُ ســـاعةً ***  ولا أنّ ما يخفَى عليـــهِ يغيبُ

وإِذا خَلَوتَ بِرِيبَةٍ في ظُلمَةٍ ***والنَفسُ داعيَةٌ إلى الطُغيانِ

فاِستَحيِ مِن نَظَرِ الإِلَهِ وقل لها*** إنَّ الَّذي خَلَقَ الظَلامَ يَراني

اللهم احفظْ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كلِّ سوءٍ وشرٍّ وجميعَ بلادِ المسلمين، وتقبلَ اللهُ منَّا ومنكُم صالحَ الأعمالِ  ………………وكلُّ عامٍ وأنتم بخيرٍ.

كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه

  د/ محمد حرز

  إمام بوزارة الأوقاف

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »
error: Content is protected !!